رواية حياة مريرة الفصل الرابع 4 بقلم امل صالح
#الرابع
- أنا هربانة.
- مالِك؟
ومرة تانية قالت بعفوية - هربانة..
ساب مكانه بسرعة ما استوعبتها ووقف قصاد المحل وبدأ ينادي بصوت عالي ويزعق.
حاولت تعديه وتمشي من المكان...
لكنه وقف قصادها سد منيع..
رافض مرورها.
خافت من نظراته، وخوفها زاد مع تجمع الناس الغير مبرر..
• - في حاجة يا حج صلاح ولا إيه.؟
قالها واحد من الواقفين فَـ لَف بصلها وقال بعصبية وصوت عالي - هربانة من إيه ولا عملتِ إيه، أنا قولت برضو الخِلقة دي غريبة في البلد، والشنطة اللي معاكِ دي متطمنش برضو، انطقي يابت.
ردت عليه بتقطع وصوت عياطها طاغي على نبرة صوتها - والله مش كدا، أنا ... أنا مش هربانة زي ما حضرتَك فهمت، أنا.....
اتفتحت في العياط وهي مش لاقية كلام تقوله، تقول على الملأ وقصاد كل دول إنها هربانة من أمها اللي بتجبرها على شيء حرام؟!!
حتى لو عايزة تقول....
خوفها وتوترها من الأشكال الغريبة قدامها خلَّوا لسانها وكأنه مربوط!
- أنتِ إيه ما تقولي..
اتكلم رجل من الواقفين - لا حول ولا قوة الا بالله، يابنتي سلِّمي نفسِك وخودي فترتِك واطلعي.
عينها وسعت بصدمة من تفكيره ونفت بسرعة براسها - لا والله لأ!
رجعت تعيط تاني - اسكت ياعمو بالله عليك، اسكت!
واحد تالت اتكلم - أنتِ شكلِك بنت ناس ومحترمة، خُدي فتـ...
- اسكت يا فتحي كدا ووسعلي.
قالها سِت كبيرة واضح إنها زوجة اللي كان بيتكلم وهي بتقرب من رغد، بصتلها بشفقة للحظات قبل ما تلف للتجمع الواقف - والله عيب عليكوا وعلى سِنكم...
حطت إيدها قصاد وش رغد - بقى الكتكوتة دي هربانة؟ دانتم عُمي بصحيح.
مسكتها من دراعها وشدتها لبرة - تعالي يا نن عيني تعالي، سيبك من شوية العواجيز والنسوان الفاضية دي.
وقفها عم صلاح البقال - حسبي يا حجة عزة على نفسِك، دي لسة قايلة بِبُقها إنها هربانة.
اتكلم فتحي جوزها - وخداها على فين يا عزة، إحنا نعرفها ياست أنتِ!
تجاهلتهم عزة بما فيهم جوزها اللي تحمحم بإحراج لفعلتها قصاد الناس، كانت رغد ناسية وراها بتعيط بصوت لافت خلَّى كل المارة يبصولها.
- ما خلاص يا عسولة الناس يقولوا إيه؟ خطفاكِ!
ردت عليه وهي لازالت بتعيط - أنا آسفة.
ضحكت عزة ووقفت قصاد باب مقفول في الشارع، واضح ان المكان محل لحاجة، وقد كان فعلًا..
- معلش بقى الريحة فايحة شوية.
قالتها وهي بتفتح شباك المكان عشان تهويه، مسحت رغد وشها من الدموع وهي بترد عليها - دي حلوة أوي.
- دي ياستِ المحل بتاع فتحي جوزي، محل ساندوتشات زي ما أنتِ شايفة كدا، أنا بنزل أجهز الحاجات واطبخها وهو يقدمها، الواد جابر ابني بقى....
قطعت كلامها فجأة بشكل خلَّى رغد تبصلها بإستغراب، اتفاجئت بيها بتضحك وهي بتخبط على كتفها - يوه! الكلام خدني ونسيت أجبلِك حاجة تشربيها.
- لأ لأ شكرًا، أنا معايا أكلي و...
- لا والله أبدًا لازم تدوقي كبدة طنطِك عزة.
فقالت رغد بتلقائية - مباكلش كبدة من برة والله.
- مش كبدة كلابي متخافيش..
- مش قصدي والله، أ...
- يبقى تاكلي!
اتحركت ناحية الرخام جوة ورغد قاعدة مكانها ساكتة بإحراج، لحد ما عزة رجعت اتكلمت - قوليلي بقى، أنتِ جاية لحد هنا ولا إيه حكايتِك بالظبط. ؟
رفعت رأسها بسرعة - مش هربانة من الحكومة والله، أنا هربانة من ماما..
- من ماما.! لا إله إلا الله.! ليه كدا يابنتي بس؟
حضنت شنطتها وسرحت قدامها من غير ما ترد عليها، بتفكر في اللي عملته والنتيجة اللي تبنت عليه، "هو أنا كان ممكن أتصرف تصرف تاني غير دا؟".
سؤال خطر في بالها فجأة بعد ما لقت نفسها ضايعة وتايهة، الإجابة كانت واضحة للأعمى إنها "آه" لكنها كانت شايفة إن اللي عملته صح، خطأها الوحيد إنها ما خططتش بتفكير..
- خُدي وقوليلي رأيك..
خدته منها - شكرًا يا طنط.
- العفو يا قلب طنط.
قطمت رغد قطمة من الساندوتش وقالت - أنا معملتش حاجة غلط، هي كانت عايزاني اعمل حاجة حرام، وحاولت أقنعها إنه لأ مينفعش بس هي مااقتنعتش، هو أنا غلطت كدا يا طنط؟!
- يلهوي دانتِ لو غلط هقولِك أنتِ صح! إيه يا العسل دا كله بس!
وقف فتحى على أعتاب الباب فوقفت رغد بسرعة...
- الآه! اقعدي يا حبيبتي اقعدي، عمِك فتحي غلبان ماتخافيش.
- عــزة!
قال بصوت عالي مُحذِّر فانتفضت رغد في مكانها بخوف..
- البنت دي مش هتقعد لحظة كمان هنا، أكلت وشربت وعملنا اللي علينا تشوفلها مكان ياخدها بقى، دا اللي ناقص؛ ناخد الهربانين نعيشهم على قفانا.!
كلمات جارحة..
ونظرات مستحقرة..
كانت كفيلة بتجمع الدموع في عينها مرة تانية، حتى المكان الوحيد اللي استقبلها، بشكل مهين بتطرد منه، ولا علم لها بكيفية التصرف....
يتبع....ෆ
#بقلم_أمل_صالح
#حياة_مَريرة